ﻳُﺤﻘّﺮ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﺟﻴﻮﺷﻪ ﻓﻘﺎﻝ ": ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﺨﺮﺟﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻛﻢ ﺇﻻ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻭﺍﻟﺠﻮﻉ ،ﻓﺈﻥ ﺷﺌﺘﻢ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻛﻞ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻋﺸﺮﺓ ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ ﻭﻛﺴﻮﺓ ﻭﻃﻌﺎﻣًﺎ ﻭﺗﺮﺟﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩﻛﻢ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺃﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ."
ﻓﺎﻧﺘﻔﺾ ﺧﺎﻟﺪ ﻛﺎﻟﻠﻴﺚ ﺍﻟﻬﺼﻮﺭ، ﻭﻋﺰﺓ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻤُﻔﻌﻢ
ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺗﻤﻸ ﺟﻨﺒﺎﺕ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮﺓً ﻣُﺮﻋﺒﺔ ﻭﻗﺎﻝ ": ﺇﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻗﻮﻡٌ ﻧﺸﺮﺏ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ
ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺩﻣﺎﺀﻛﻢ ﺃﺷﻬﻰ ﻭﺃﻃﻴﺐ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻓﺠﺌﻨﺎ ﻟﺬﻟﻚ، ﻧﺤﻦ
ﻗﻮﻡ ﻧﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺮﺻﻮﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ."
ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻋَﻠِﻢ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻓﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ
ﺍﻟﻀﺎﺭﻳﺔ !
ﻓﺎﺳﺘﻌﺪّﺕ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺑﺰﻋﻔﺮﺍﻧﻬﺎ ﻭﺣﻮﺭﻫﺎ ﻭﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ
ﺃﺣﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،ﻛﻤﺎ ﺯﻓﺮﺕ ﺟﻬﻨﻢ ﺑﺄﻓﺎﻋﻴﻬﺎ
ﻭﺯﻗﻮﻣﻬﺎ ﻭﻏﺴﻠِﻴﻨﻬﺎ ﻭﺳﻼﺳﻠﻬﺎ ﻭﺗﺄﻫﺒّﺖ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻗﺘﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ .
ﺛﻢ ﺻﻠﻰ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺑﺠﻴﺸﻪ ﻭﻃﻔﻖ ﻳﺴﺘﻨﻔﺮﻫﻢ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﻻ ﺇﻟﻪ
ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪﻕ ﻭﻋﺪﻩ ﻭﻧﺼﺮ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺃﻋﺰّ ﺟﻨﺪﻩ ﻭﻫﺰﻡ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ
ﻭﺣﺪﻩ ،ﻓﺎﺳﺘﺒﺸﺮ ﺍﻟﺠُﻨﺪ ﻭﺗﺤﻤّﺴﻮﺍ ..
ﺛﻢ ﺩﺍﺭﺕ ﺭﺣﻰ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ﺗﻄﺤﻦ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻤُﺸﺮﻛﻴﻦ
ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺠﻴﺸﻪ ﺍﻟﻠﺠِﺐ ﻭﺍﻣﺘﺸﻖ ﺣُﺴﺎﻣﻪ ﻳُﺠﻨﺪﻟﻬﻢ ﻗﺘﻠﻰ
ﻭﺻﺮﻋﻰ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻧﺎﺩﻯ ﺍﻟﻤُﻨﺎﺩِ : ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ،ﻧﺼﺮ
ﺍﻟﻠﻪ ﺟُﻨﺪﻩ .
ﻭﻓﺮّ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻫﺎﺭِﺑًﺎ ﺇﻟﻰ ﺣِﻤﺺ ﻟﻴﺨﺒﺮ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺑﺨﺴﺎﺭﺓ
ﺟﻴﺸﻪ ﺍﻟﻔﺎﺩﺣﺔ.
ﻓﺴﺄﻝ ﻫﺮﻗﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺟﻨﻮﺩﻩ: ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﺭﺑﻮﻧﻜﻢ, ﺃﺑﺸﺮٌ
ﺃﻡ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ، ﻛﻴﻒ ﻳﻬﺰﻣﻮﻧﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻊ
ﻭﺗﻔﻮﻗﻮﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌُﺪّﺓ ﻭﺍﻟﻌﺘﺎﺩ؟؟
ﻓﻘﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﻗﺎﺩﺗﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﺭﺑﻮﻧﻨﺎ ﺑﺸﺮ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ
ﻛﺎﻟﺒﺸﺮ !
ﻓﻘﺎﻝ : ﻛﻴﻒ ﺫﻟﻚ؟
ﻓﻘﺎﻝ ":ﺇﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﺇﺫﺍ ﺟﻦّ ﺍﻟﻠﻴﻞ
ﺳﻤﻌﺖ ﻟﻬﻢ ﺩﻭﻳّﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﺪﻭﻱّ ﺍﻟﻨﺤﻞ, ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺷﺮﻗﺖ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺃﺳﻮﺩ ﻓﺮﺳﺎﻥ.. ﺃﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺼﻮﻡ ﻭﻻ ﻧﺼﻠﻲ .. ﻻ
ﻳﺸﺮﺑﻮﻥ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺸﺮﺑﻬﺎ .. ﻻ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺍﻟﻔﻮﺍﺣﺶ ﻭﻧﺤﻦ
ﻧُﻌﺎﻗﺮﻫﺎ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ.. ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﻤﻮﺕ
ﻗﺒﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ .. ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻴﺼﺪﻗﻮﻥ ..ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺤﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﻓﻴﺼﺒﺮﻭﻥ .. ﺃﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﺇﺫﺍ ﺣﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻼ ﻧﺼﺪﻕ ﻭﻻ ﻧﺼﺒﺮ ."
ﻓﺎﻧﺘﻔﺾ ﻫﺮﻗﻞ ﻗﺎﺋﻠًﺎ: ﻟﺌﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﻤﻠﻜﻮﻥ
ﻣﻮﻗﻊ ﻗﺪﻣﻲّ ﻫﺎﺗﻴﻦ !
ﺛﻢ ﻫﺐّ ﻳﺴﺘﻨﺠﺪ ﺑﻤﻠﻚ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﺪﺩ ﻭﺍﻟﻌﻮﻥ .
ﻓﺮﺩّ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻗﺎﺋﻠًﺎ :ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻲ ﺑﻘﻮﻡ ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻗﻠﻊ
ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻻﻗﺘﻠﻌﻮﻫﺎ .
ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﻡ، ﻭﻣﻸﺕ ﺷﻤﺲ
ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻬﺎﺀ ﻭﺿﻴﺎﺀ ﻭﺳﻨﺎﺀ ..
ﻭﻗﺎﻝ ﻫﺮﻗﻞ : ﺳﻼﻡٌ ﻋﻠﻴﻚِ ﻳﺎ ﺳﻮﺭﻳﺎ ،ﺳﻼﻡ ﻣﻮﺩِّﻉٍ ﻻ ﻳﻌﻮﺩ.
ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻻﺑﻴﺾ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻻﺣﻤﺮ ﺑﺤﻴﺮﺗﻴﻦ
ﺻﻐﻴﺮﺗﻴﻦ ﺗﺠﺮﻳﺎﻥ ﻓﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺗﺮﻓﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ..
" ﻭﻛﺎﻥ ﺣﻘﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .